-عمر: فيه إيه يا دكتور؟ انت قلقتني !
-الدكتور: (بتنهيدة عميقة) للأسف يا عمر في الظروف دي ما ينفعش اخبي عليك أكتر من كدا
- عمر: تقصد إيه يا دكتور؟
- الدكتور: التحاليل بتقول إن عندك كانسر، وللأسف في المرحلة الأخيرة
(صمت طويل، عمر بيحاول يستوعب الكلام)
-عمر: يعني قدامي قد إيه يا دكتور؟
الدكتور: للأسف يا عمر أسبوعين أو أقل، مافيش علاج يقدر يغير الواقع ده، أنا آسف.
رجع عمر البيت، وبص حواليه، لقي كل حاجة عادية
نفس الأوضة، نفس المكان، نفس الروتين! بس جواه حاجة اتكسرت!
بياخد شنطة صغيرة، ويحط فيها هدومه
وبيخرج من البيت من غير ما يقول حاجة لحد
يطلع عمر علي محطة القطر وهناك يركب أول قطر يقابله من غير حتي ما يعرف هو رايح فين.
أول محطة وصلها القطر نزل عمر فيها، بدأ يتمشي في الشوارع
بعد ساعة من المشي تعب، وقعد علي كنبة جنب راجل عجوز
-العجوز: مالك يا ابني؟ شايل هموم الدنيا ليه؟
-عمر (بابتسامة بسيطة): الدنيا؟ وهي فين الدنيا أصلا خلاص هانت وهسيبها
-العجوز: الدنيا يا ابني ما بتستناش حد! كل لحظة بتعيشها هي فرصتك الوحيدة علشان تعيشها حلو وتعمل كل الى انت عايزه!
(عمر قعد يفكر في كلام العجوز، وحس براحة، بس قرر يكمل رحلته يمكن يلاقي نفسه في الرحلة الأخيرة)
فضل عمر يتمشي هنا ويدخل هناك، وبعد وقت حس إنه عطشان وشاف محطة بنزين فيها سوبر ماركت
وقرر عمل يدخل يشتري ماية علشان يشرب.
وفي المحطة قابل عمر شاب صغير، شغال في المحطة، ولاحظ عمر إن الشاب تعبان ومرهق جدا ومع ذلك مبتسم !
-عمر: هو انت بتشتغل هنا كل يوم؟
-الشاب (بيضحك): آه دا شغلي من النجمة لحد آخر الليل
-عمر: وما بتتعبش؟
-الشاب (مازال بيضحك): طبعا بحس بتعب! بس تعرف لما تعمل حاجة إنت بتحبها؟ وقتها التعب بيهون
-عمر (سرحان): الحب؟ في محطة البنزين؟!
-الشاب: آه، الحب حوالينا بس لو ركزنا عليه
(عمر قعد يفكر في كلام الشاب، وعرف إن انشغاله بالوظيفة والتارجت أزيد من اللازم، خلاه ما يحسش بالحب حواليه)
- بعد يوم طويل من الحركة والمشي، بدأ النهار يودع والشمس تميل للغروب
عمر كان وصل لمزرعة صغيرة علي الطريق، متعلق عليها فانوس قديم منور
وقف عمر قدام باب المزرعة، وقبل ما يقرر يخبط، لقي باب المزرعة بيتفتح وخارج من المزرعة راجل كبير، لابس جلابية بسيطة وماسك في إيده كوباية شاي
- الراجل: السلام عليكم محتاج حاجة يا ابني؟
- عمر(بابتسامة خفيفة): أنا مش من هنا يا حاج وكنت بتمشي في الطريق وشوفت المزرعة، فحبيت أشوف المكان.
-الراجل(بيشاور علي جوة): إتفضل يا ابني تنور، تعالي اشرب شاي، الدنيا ليلت والجو برد دلوقت.
دخل عمر وقعد مع الراجل علي الكنبة، الشاي كان سخن وطعمه حلو زي الراحة الى حس بيها عمر في اللحظة دي.
-الراجل: انت شكلك تعبان، انت منين ورايح فين؟
- عمر: من المدينة، وهربان من الدنيا .. يمكن من نفسي كمان!
الراجل بص لعمر بتأمل وقاله بمنتهي الحكمة والهدوء
-الراجل: ساعات الهروب بيكون ضروري عشان نلاقي نفسنا.
-عمر (بتنهيدة): إزاي الاقي نفسي بعد ما كل حاجة باظت!
-الراجل (بيبتسم): النفس زي الأرض، محتاجة هوا وماية عشان ترجع لطبيعتها، هنا في القرية عايشين ببساطة عشان كدا بنلاقي السعادة في تفاصيل صغيرة.